لخص سائق احدى سيارات الأجرة العلاقة بين الانسان والماكينة في بلاغة شديدة حينما سمعته يقول "يا بيه أصل  الماكينة تريحها تريحك..إنما البني آدم تريحه يتعبك"
هناك عمل له رد فعل متوقع وثابت من الماكينة على عكس الانسان فردود أفعاله وتصرفاته لا يمكن توقعها بشكل كامل.
للماكينة سحر خاص في نفس الانسان..هذا السحر يكمن في الآداء التلقائي لها..بمجرد أن تضغط على الزر تقوم الماكينة بالمهمة المطلوبة وبآداء متوقع.
هذا السحر أبرزه مسلسل كارتون شهير لعالم مخترع صغير يدعى "ديكستر" له أخت مشاغبة "ديدي" ينتابها فضول شديد للضغط على أي زر تراه أمامها مرددة في بلاهة "ماذا يفعل هذا الزر يا ترى؟"..
هذا الفضول ليس كارتونيا صراحة ولكن بعده النفسي عميق..ويبدو لي أن له تأثيره على سلوك الانسان.

يعتبر الفص الجبهي للمخ هو المسئول عن التنفيذ..بداية من الأفكار وانتهاء بالحركة الفعلية والكلام
أساس تعلم التنفيذ في هذا الفص من المخ يعتمد على التوقع..حيث يستثار المخ بشدة عندما تفعل شيئا وتجد نتيجة غير متوقعة..أما النتائج المتوقعة فلا تنتج مثل هذه الاستثارة ويستمر المخ في خطة عمله العادية بسلاسة ودون ارتباك.
تخيل معي الاستثارة التي نتجت مع الضغط على أول زر لأول ماكينة..وتخيل حجم الابتهاج من الانجاز الذي أنتجته الماكينة بتلقائية ودون جهد.
هذا الابتهاج هو ما يجعل "ديدي" أخت المخترع الصغير "ديكستر" تصاب بهذه الرغبة في الضغط على كل زر تجده في مخترعات أخيها.
لقد علمتنا الماكينة وأزرارها الازدواج بين فعل شيء وانتظار النتيجة بشكل تلقائي دون متابعة واستمرار..هذا الأمر يفسره البعض بالكسل, ومقولة أن التكنولوجيا تعلم الكسل مشهورة وملموسة أيضا..ولكن في رأيي ليس الكسل هو ما تعلمناه ولكن تعلمنا خطط ذهنية جديدة لا يمكن تطبيقها إلا على الماكينات والآلات.. وللأسف نحن نصطدم مع العالم الانساني "الغير ثابت الآدا والغير متوقع النتائج" في كل مرة نستخدم هذا الازدواج بالخطأ في غير مكانه.
أهم الاصطدامات التي نعايشها هي الثورة المصرية..فبالنظر للثورة على أنها الزر الذي يصلح البلد تلقائيا ويخرجنا من هذا الكابوس أصابنا بتيه وضلالات امتدت أكثر من عام ونصف وأصبح انجازنا مهدد بالسرقة لتركنا إياه..وأعتقد اختيار عصام شرف مثال آخر..اخترناه وتركناه ثم امتعضنا منه لأنه ليس الماكينة ذات الزر السحري التي نريدها..
أسأل الله ألا يكون "الريس مرسي" مثالا ثالثا..لا بد من متابعة الانجاز..لابد أن نعي أن كل الظواهر الانسانية ليست لها أزرار أو صفة تلقائية.
صحيح ثورة تكنولوجيا وفيس بوك!

0 التعليقات: