الاسلام عقيدة وشريعة



يقول الامام الأكبر محمود شلتوت رحمه الله في كتابه الاسلام عقيدة وشريعة "العقيدة في الاسلام هي الأصل الذي تبنى عليه الشريعة. والشريعة أثر تستتبعه العقيدة. ومن ثم فلا وجود للشريعة في الاسلام إلا بوجود العقيدة , كما لا ازدهار للشريعة إلا في ظل العقيدة. ذلك أن الشريعة بدون عقيدة علو لا أساس له" ثم يقول في موضع آخر "ان من آمن بالعقيدة وألغى الشريعة , أو أخذ بالشريعة وأهدر العقيدة, لا يومن مسلما عند الله ولا سالكا في حكم الاسلام سبيل النجاة"

اقتبست الفقرة السابقة من كتاب "القرآن والسلطان" للاستاذ فهمي هويدي في فصل تحت عنوان نساؤلات حول تطبيق الشريعة
ساق الاستاذ هويدي هذه الفقرة إجابة على سؤال سئله هو "هل تطبيق الشريعة وحده هو الذي يقيم المجتمع الاسلامي؟ وهل الشريعة هي كل الاسلام؟ أو أصل الاسلام؟"
كان محور الحديث هو يدور حول مناقشة كيفية التطبيق لا المبدأ من أساسه فالأمر لي
س فيه خيار بالنسبة للمسلم الملتزم "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم". كما نبه أن الهدف المرجو الوصول اليه هو إقامة مجتمع اسلامي حقيقي ثابت الدعائو والأركان لا مجرد صورة أو هياكل هشة تعصف بها الرياح.


-التلازم بين العقيدة والشريعة هو تلازم السلوك للدوافع, فالاتجاه السائد بين المفسرين أن القرآن يذكر العقيدة ب"الايمان" والشريعة "بالعمل اصالح" وهذا التلازم "الذين آمنوا وعملوا الصالحات" في أكثر من سبعين آية, فإن الدافع "الايمان" يدعو للسلوك "العمل الصالح".

-
في وجهة نظري أن الشريعة نظام للمحافظة على ما أرسي في المجتمع من إيمان لا سببا في الإيمان
, يستخدم أطباء التخدير مصطلح Induction للأدوية التي تيدأ عملية التخدير ومضطلح Maintenance للأدوية التي تحافظ على تلك الحالة.
الشريعة Mai
ntenance وليست Induction أو هكذا يبدو لي الأمر.

-
ينتقد الاستاذ هويدي من يتمسك بمطالبة الحكومات بسن القوانين المعاقبة للعصاة والآثمين فهم بذلك يصورون الاسلام على أنه قوانين تطبق وليس نظاما شاملا يحكم حياة الإنسان وسلوكه وبناء المجتمع بأسره.


-صراحة أعذر من يدعو الى تطبيق الشريعة على هذا النحو فهذا أحد مظاهر ركود فكري لا ذنب لهم فيه , إذ أن الناس لا حيلة لهم الآن إلا ما يفعلونه من تمسك بالمظهر كسبيل لهم لطاعة الله في ظل عدم وجود ثقافة أوفكر واضح المعالم ثابت الأركان يقود الدرب ويسير الناس من خلفه.

-
المطالبة بقطع يد السارق بالتأكيد مثالا على أحد هذه المظاهر, تماما مثل الثياب واللحية التي تضايق الكثير من أصحاب الفكر, لا شك أن كل هذا من الدين ولا شك أيضا أنه نتيجة وتعبير عن الايمان وطاعة الله تعالى ولكن الاعتراض على الاتجاه.


-النقطة في الفراغ الهندسي لا تدل على الاتجاه لابد من نقطين على الأقل والأمر شديد الشبه بين الهندسة وموضوعنا..فمن الناس من يفتت الدين الى عدد ضخم من النقاط المنفصلة عن بعضها ولكن لا شكل أو اتجاه عام لها..هي بالتأكيد من الدين ولكن أين الاتجاه وما هي المحاور؟ هذا ما يفعله من يسميهم الشيخ القرضاوي "الظاهرية الجدد" من يأخذ كل شيء كما هو ويجعله قانونا منفردا أوبالأحرى نقاطا منفردة في الفراغ الهندسي.

-التفتيت هذا دليل على قلة العلم..أفهم هذا من العلوم الوضعية..هدف الفيزياء هو الوصول الى القانون الذي يجمع كل القوى الفيزيائية في معادلة واحدة The Theory of everything كلما اكتشف قانون يفسر ظواهر أكثر من القانون الذي يسبقه فإن القنون الجديد أقوى وأصح وكلما استخدمت قوانين أكثر لتفسير ما هو أمامي من ظواهر كلما دل هذا على قلة علمي.

المطالبة بتحكيم الشريعة على ظاهر المعنى أوالمعارضة لها على شتى صورها أحد مظاهر افتقادنا ل The Theory of Everything في واقعنا الحضاري والثقافي سواء ممن يختار التمسك بهويته الدينية من المطالبين أو ممن ينساق وراء المفاتن الفكرية المعاصرة من المعارضين.

0 التعليقات: